سام البحيري
لم يكن الأمر سهلا علي أثناء إصابتي بحمى الضنك، والأقسى من هذا كله أن ينال منك في مدينة تفتقر لأدنى مقومات الرعاية الصحية خصوصا مراكز الحميات. مسيرة مرض تجاوزت أكثر من 38 يوما للتنقل بين المشافي، أصبح الجسد فيها أشبه بتجارب طبية يجريها الأطباء من مشفى إلى آخر، وفوق هذا وذاك تصل إلى المشفى لتتعالج من مرض ما، لتعود بعد ذلك تبحث عن العلاج للمضاعفات التي تسببت بها تشخيصهم الخاطئ، وتعاملهم مع المريض بروح بعيدة كل البعد عن الجانب الإنساني .
دخلت المشفى لعلاج حمى الضنك، وخرجت منها بأدوية لعلاج السوائل في الرئتين وارتفاع ضغط الدم والالتهابات والكثير من الأمراض التي أثقلتني في المشافي.
لا سبب يفسر الأمراض سوى غياب المسؤولية لدى الجهات المعنية، فمع انتشار البعوض وغياب وتراكم مياه السيول،وتكدس القمامة والإهمال وكذا الرقابة من قبل الصناعة والتجارة وفحص المواد الغذائية وتاريخ الانتهاء والتخزين، تصبح حياة الأشخاص معرضة للمخاطر، المخاطر التي تعجز المشافي عن إيجاد حلولها.
إن الإحصائيات التي وردت في تقرير الصمود المجتمعي الصادر عن منظمة شباب بلا حدود للتنمية ذكرني بأبعاد المأساة الصحية التي تعرضت لها , فانا لعلي أكون واحد من قرابة الـ 91 % من المواطنين الذي قالوا في سياق التقرير بأنهم يعانون من صعوبات في حصولهم على الخدمات الصحيـة , ومن حسن الحظ بأنني نجوت من الموت لأنني لست من العينة التي أفاد 60 % من المستجيبين الذين قالوا بأنهم غير قادرين على تغطية تكاليف علاجهم بسبب الظروف الاقتصادية . ولكن بكل تأكيد مشكلتي كان السبب الرئيسي فيها هو ضعف التجهيزات الخاصة بالمراكز والمستشفيات .
لن يتوقف القصور في الخدمات الصحية والعبث بأرواح الناس إذا لم توجد الحلول المناسبة، ولعل أبرز هذه بالرقابة على المشافي والعيادات كانت حكومية أو خاصة، وكذا الرقابة على الأدوية والصيدليات فالبعض منها يصل عن طريق التهريب، والبعض الآخر يتم تغيير تاريخ الانتهاء وبعضها يفتقد لآلية النقل والتخزين من خارج المدينة بسبب الحصار إلى داخلها، فتكون نتيجة العلاج عكسية ومضاعفاته كبيرة.
ينبغي أن يتم العمل على تنفيذ أبرز التوصيات والمخرجات الواردة في التقرير والمتعلقة بالجانب الصحي , والتي من أبرزها تحفيز المنظمات والجهات الرسمية على المساهمة في وضع حلول ودراسات تساهم في معالجة القصور في الجانب الصحــي , والعمل على تعزيز دور الرقابة المجتمعية على المنشآت الصحية , وإخضاع الجميع لسلطة القانون إرساء مبدأ الثواب والعقاب لمن يرتكب الأخطاء من الأطباء او موردي ادوية او غيرهم.
