مختار شداد
أدى الصراع المستمر في اليمن منذ ثمان سنوات إلى أزمات متعددة وطويلة الأمد، الأمر الذي انعكس على توفير الخدمات العامة لقطاعات متعددة في جميع أنحاء البلاد، كان لمحافظة تعز النصيب الأكبر من تلك الأزمات، وذلك لعدة أسباب فمدينة تعز ترزح تحت الحصار منذ بداية الحرب.
فريق الخبراء الدوليين و الإقليميين المعني باليمن والتابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وصف الوضع بأنه شكل من أشكال العقاب الجماعي وانتهاك للقانون الإنساني الدولي، حيث تسبب الحصار في نقص الغذاء والمياه والأدوية، وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية في المدينة كما ساهم في نشوء أزمة الغاز المتكررة بشكل دائم.
وبحسب المسح الميداني الصادر عن تقرير الصمود المجتمعي الصادر عن منظمة شباب بلا حدود للتنمية ، فإن هناك 12 قضية يعاني منها المجتمع، وهذه القضايا كان من المفترض أن تعمل الدولة على حلها وتوفيرها للمواطنين، وكما أشار التقرير، فإن مشكلة الطلب العالي على المنازل والمساكن ترتفع بشكل مستمر، بالإضافة إلى أن 80% من العينة المستهدفة لا تمتلك كهرباء حكومية وذلك بسبب توقف محطات الكهرباء، كما أن هناك مشكلة ارتفاع أسعار الوقود وعدم توفره، وشحة المياه، كما أن 58% تعاني بشكل دائم من صعوبة الحصول على الخدمات الصحية، وعدم توفر الأدوية لـ 62 % من العينة.
أشار التقرير أيضًا إلى أن 55% لا يقدرون على تحمل تكاليف التعليم ناهيك عن محدودية المقاعد المتاحة، أما فيما يخص الجانب الاقتصادي فإن 62% من المبحوثين عاطلين عن العمل، وأضاف التقرير إلى أن جودة الإنترنت سيئة جدًا، وأسعارها مرتفعة.
وبسبب الحرب، توقفت الحياة في المدينة التي تشهد أكبر كثافة سكانية أو كادت، مرت سنوات الحرب، الأولى والثانية والثالثة (...) وهانحن نصل إلى السنة الثامنة، لم تنتهي الحرب ولم يعم السلام، ولم تعود الكهرباء أيضًا، بينما بقي المواطن يعاني مع الكهرباء التجارية التي تأخذ أسعارها منحى تصاعدي، ولأجل عودة الكهرباء الحكومية خرج الناس إلى الشارع مرات كثيرة يرفعون مطالبهم أمام الجهات المختصة، ولكن لا صوت لمن تنادي.
في السنوات الأولى للحرب كان توفير الماء يمثل عبء كبير على المواطنين، ولكن بعد ثمان سنوات من الحرب مازالت تلك المشكلة قائمة أيضًا، انعدام تام لخدمة توفير الماء من قبل السلطة المحلية، أما قبل الحرب فقد كان إلى كل منزل، أين ذهب ذلك الماء الذي من المفترض أن توفره الدولة؟! يعاني المواطنين في تعز بصورة يومية أزمات متكررة ألقت بظلالها على حياة المواطنين الساكنين في المدينة، وذلك لأن الخدمات التي تقدمها الدولة لا توفر له عيشًا كريمًا، بلا شك أن السلطة المحلية تحاول أن تخفف من حدة المشكلة، ولكن ذلك لا يكفي، على الدولة أن تعمل أكثر لحل المشكلة بشكل جذري.
المراقب لوضع الخدمات العامة المقدمة من قِبل السلطات المعنية يدرك بشكل واضح أن هذه الخدمات المقدمة لا ترقى إلى المستوى المطلوب وأن هناك قصور وضعف كبير وتقاعس في تقديم الخدمات بالشكل اللازم، بالتالي هذا الوضع ينعكس بصورة سلبية على حياة المواطنين في مدينة تعز، لننظر مثلًا إلى الخدمات الصحية، ستجد أن هناك نوع من عدم الاهتمام الجاد من الجهات المعنية بهذا الجانب .
كل هذه القضايا تحتاج الى وقفة جادة من قبل السلطات الرسمية والسلطة المحلية في المحافظـة , والتركيز على الاستفادة من الدروس والتوصيات الواردة في الدراسة , والتي ستسهم بشكل فعال في تحسين نوعية تدخل السلطات الرسمية ومنحها صورة واضحة عن ابرز الاحتياجات في المحافظـة , والسبل الكفيلة بتغطية الفجوة الموجودة في تغطية تلك الخدمات .