محمد الحريبي
تلتزم المنظمات الدولية ووفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بمساعدة الحكومات على كفالة إعمال الحقوق التي يتضمنها العهد ذاته والتي يأتي في مقدمتها الحصول على الخدمات العامة دون تمييز، وهو الأمر الذي لم نره في اليمن، إلا فيما ندر، والنادر لا حكم له!
وفي حين تعيش اليمن إنقسامًا حادًا في السلطات في الشمال والجنوب والانقسامات السياسية والعسكرية في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليًا، فإن تدخلات المنظمات الدولية لا تركز على توفير الخدمات العامة، وتكتفي بالاستمرار في تقديم الدعم الطارئ منذ ما يزيد عن سبعة أعوام، وما يستحق التساؤل هو متى تنتهي حالة الطوارئ القياسية هذه وتركز المنظمات الدولية قليلًا على تنفيذ تدخلات تنموية تسهم من خلالها في توفير الخدمات للمواطنين الذين يفتقدونها منذ اندلاع الحرب؟!
مطالبة المنظمات الدولية بتركيز تدخلاتها على توفير الخدمات ليست ناتجة عن اكتفاء من المساعدات الغذائية والدوائية الطارئة بالتأكيد، لكنها تأتي من واقع حاجة الناس الماسة للخدمات العامة المستمرة في الغياب، والتي يمكن لتوفرها أن يسهم في الحد من اعتماد المواطنين بشكل كلي على المساعدات المقدمة.
ومن زاوية أخرى فإن المساهمة في توفير الخدمات العامة يأتي من صميم دور المنظمات الدولية، وذلك كون أهم ما ينبغي عليها القيام به هو مساعدة السلطات على تقديم الخدمات لما لذلك من أثر في تعزيز الاستقرار المجتمعي وتعزيز قدرة المواطنين على الصمود.
لم يعد الوقت سانحًا لاستمرار هدر المنح والتمويلات الدولية لليمن عبر المنظمات الدولية في مشاريع الدعم الطارئ، فالبلد بحاجة لخدمات عامة يستفيد منها الجميع دون تمييز، وذلك لن يتحقق إلا بتوجيه المنظمات الدولية مشاريعها إلى هذا المجال، والبدء بتنفيذ مشاريع توفير الخدمات العامة بداية من إصلاح وتأهيل الطرق وليس انتهاء بتوفير الكهرباء والمياه والتغطية الصحية الشاملة والتعليم.
يحتاج المواطنون اليوم إلى الخدمات العامة، وأجزم أن توفرها هو الخطوة الأولى في طريق بناء السلام المجتمعي على طريق بناء السلام الوطني الشامل والعادل.